، فسؤالي هو : هل يمكن للفتاة المسلمة ممارسة الرياضة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أولاً:
للرياضة فوائد صحية ، ونفسية ، لا تخفى ، لكن لما كانت الرياضة في عصرنا هذا أصبح لها طابع خاص : كان لا بدَّ من وضع ضوابط شرعية لهذه الرياضات ، ومن التزمت بها كانت رياضتها مباحة ، ومن خالفتها صارت اللعبة عليها حراماً ، ومن هذه الضوابط :
1. أن تكون ممارسة الرياضة بعيدة كل البعد عن أعين الرجال ، سواء كان مدرباً ، أو أستاذاً ، أو طالباً ، أو إداريّاً ، أو مشاهداً ، ولتحقيق هذا الشرط فإنه لا يجوز تصوير رياضة النساء ؛ لئلا تقع في أيدي الرجال فيشاهدونها ، فيتخلف الشرط المبيح لممارستها لتلك الرياضة .
ولذا كان الأفضل ، والأحسن ، والأحوط ، والأستر للمرأة أن تمارس الرياضة في البيت ، دون النوادي ، والصالات ، والمدارس ، حتى وإن لم يكن في هذه الأماكن اختلاط ، لأنها لا تأمن أن يصورها أحد الشياطين الذين يتصيدون ذلك ، فيقع ما لا تحمد عقباه . وأما حيث يكون في هذه الأماكن اختلاط ، فلا يخفى منعه ، كما بينا .
2. أن تمارس الرياضة بلباس محتشم ، فلا يحل لها ، ولا للاعبات معها : لبس القصير ، ولا الشفاف ، ولا الضيِّق من الثياب ، وهذا شرط عام في لباسها أمام الرجال ، وأمام النساء ، لكن يحسن التنبيه عليه هنا ؛ لما يوجد من عدم تحقيق لهذا الشرط في كثير من الرياضات ، النسائية ، والرجالية ، كما هو معروف من لباس السباحة ، والمصارعة ، وكرة القدم والطائرة ، والسلة ، والجمباز ، وغيرها ، ويشترك في هذا الشرط النساء والرجال على السواء ، وما أكثر نقض هذا الشرط وتخلفه في الجنسين .
3. أن لا يكون في الرياضة مقامرة ، ولا رهان .
4. أن لا تؤدي الرياضة إلى خصومة ، وشحناء ، كما هو مشاهد ومعلوم من حال الأمم والشعوب التي لم تكتف بالتقسيم الجغرافي للتفرقة بينها ، بل زادت عليه بتقسيم الشعب الواحد إلى أنصار ومشجعين لنادي ، مع خصام ومشاجرات مع أنصار ومشجعي النوادي الأُخر .
4. أن تمارس الرياضة في أوقات محدودة ، ولا يجوز أن تُشغل المرأةَ عن واجباتها الدينية ، والدنيوية .
5. عدم تشغيل الموسيقى أثناء التمارين أو اللعب .
6. عدم التشبه بالكافرات في تسريحتها ، أو لباسها ، أو التسمي باسمها ؛ لما نهينا عنه من التشبه الكفار عموماً ؛ ولما في مثل تلك الأشياء من تعظيم أولئك الكفار .
7. أن لا تكون اللعبة قتالية فيها ضرب للوجه ، أو الرأس ، ولا يكون فيها طقوس كفرية ، كالانحناء الذي يفعله اللاعبون قبل ممارسة بعض الألعاب .
فإذا توفرت هذه الشروط : فيجوز ممارسة المرأة للرياضة ، مع أننا ننصح الأخوات بأن يصنَّ أنفسهن ، ويحفظن أوقاتهن ، فلا يضيعنها في مثل هذه الأعمال ، فصيانة المرأة وحمايتها تكونان في الالتزام بأوامر الله ، والتي من أهمها : القرار في البيوت ، وعدم الخروج منها لغير حاجة ؛ امتثالاً لقوله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) الأحزاب/ 33 .
وانظري تفاصيل هذه الشروط مع مزيد بيان لها : أجوبة الأسئلة : (95280) و (78223) و (22963) و (20198) .
وهذه الضوابط والشروط يمكن للأخت المسلمة أن تتحكم فيها إذا مارست الرياضة مع أخواتها في أماكن خاصة بهن ، مأمونة من اطلاع الرجال عليهن ، أو تسلق المتطفلين عليها .
وأما تحقيق ذلك في المدارس والمعاهد والجامعات : فإن هذا غير ممكن ، لذا كان إدخال مادة " التربية البدنية " سببا من أهم أسباب التهتك والانحلال ، وانشكاف العوارت ، وموت الحياء ، ثم تكون الطامة الأخرى بوجود مدرب أو أستاذ من الرجال ، ثم بوجود إداريين ، وهكذا حتى تتطور الأمور لما هو مشاهد أصلاً الآن ، ومعلوم من حال كثير من الدول العربية والإسلامية ، للأسف .
سئل الشيخ عبد الكريم الخضير – حفظه الله - :
إدخال " التربية البدنية " في مدارس تعليم البنات بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ، ما حكم إدخال مثل هذه المادة في تعليم البنات ؟ .
فأجاب :
المطالبة بدراسة إدخال " التربية البدنية " في مدارس البنات : اتباع لخطوات الشيطان ، الذي نهينا عنه بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) البقرة/ 168 ، وقوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) البقرة/ 208 ، وقوله : ( وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) الأنعام/ 142، وقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) النور/ 21 .
وقد بيَّن الله لنا أتم بيان أن الشيطان لنا عدو ، وأمرنا أن نتخذه عدواً ، والشيطان حريص على إضلال بني آدم ، كما أقسم بعزة الله جل وعلا قائلاً - كما ذكره الله عنه - : ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ص/ 82 .
وإذا رأينا ما فعله الشيطان بالنسبة لهذه الرياضة المزعومة ، من إيقاع العداوة والبغضاء ، والصد عن ذكر الله ، مما لا يخفى على أحدٍ ، ويكفينا ما مرت به الدول المجاورة لمَّا تجاوزوا أمر الله عز وجل ، واتبعوا خطوات الشيطان ، فالخطوة الأولى : أن تلعب الرياضة مع الحشمة ، وفي محيط النساء ، ثم تنازلوا عن هذه الشروط شيئاً فشيئاً ، إلى أن وصل الحد إلى وضع لا يرضاه مسلم ، عاقل ، غيور ، فضلاً عن متدين ، وإذا كان الذكور مطالبين بالإعداد والاستعداد : فالنساء وظيفتهن القرار في البيوت ، وتربية الأجيال على التدين ، والخلُق ، والفضائل ، والآداب الإسلامية .
فالذي لا أشك فيه : أن ممارسة الرياضة في المدارس بالنسبة للبنات : حرام ؛ نظراً لما تجر إليه من مفاسد لا تخفى على ذي لب ، ولا تجوز المطالبة بها ، فضلاً عن إقرارها .
" فتاوى الشيخ عبد الكريم الخضير " ( 1 / 21 , 22 ) ترقيم الشاملة