أخواني الكرام
أحب أن أقدم لكم قصة كنت كتبتها منذ عدة أعوام وهي من نوع النهايات المفتوحة
ياريت تشاركونا بالرأي
قصة القرار
توقف فجأة قبل أن يعبر الشارع المزدحم بشتى أنواع السيارات والمارة ، والضجيج يعلو المكان بالكامل في ساعة يتوافد فيها الناس من كل حدب وصوب إلى منازلهم ، وتُخرج المصالح الحكومية ما في بطونها من بقايا إنسان ، تحطمت معنوياته تحت صخرة الروتين.
لم يعبأ بكل ما حوله ، الذي يمر سريعا، سواء المارة أو السيارات ، فقد كانت رأسه تعج بالأفكار المتلاحقة معا حتى كاد رأسه ينفجر من تعاركها معا ، ربما لم يتخيل يوما من الأيام أن يقف في هذا الموقف ، أو أن يقع في مشكلة كهذه في حياتة الطويلة ، وبالرغم من طول حياته إلا أن حياته لم تظفر بكثير من التجارب مع البشرية الإنسانية ، والتي تُكسب حياته طابعا من الحكمة في التصرف والخبرة في التعامل مع الأخرين.
كان عاصم أفندي من الموظفين الذين دفنوا أنفسهم وسط الدفاتر والحسابات وتجدهم في المصالح الروتينية ،لم يكن يثور على أي شيء في حياتة فضلا عن حياة الآخرين ، فقد كان قانعا بكل شيء وأي شيء يمر في حياته ، بل في بعض الأحيان يتحمس لشيء وهو لا يعرف ما هو وأين هو من هذا الحدث ، ربما بدافع تقليد الآخرين .
منذ أيام جاءه خاطب لبنته الوسطى سعاد والتي لم تُكمل السادسة عشر من عمرها ، ربما يجد البعض أن هذا شيء عادي ، فأي بنت مصيرها إلى بيت زوجها لا محالة ، ولكن لقلة خبرة عاصم أفندي وعدم درايته بالأمور البشرية العادية والتي تحدث كل يوم ، بل وكل ساعة يتزوج فيها إنسان ويولد أخر ويموت ثالث ، وهذه طبيعة الحياة وسنة الكون ، ولكن عاصم أفندي ظل كالطفل الصغير الذي لا يعرف ماذا يفعل في هذا الموقف ، حتى أخرجه أحمد منه عندما قال له وقد لاحظ عليه الإرتباك ......
- على العموم يا عمي خذ وقتك في التفكير ، أنا لا أطلب الرد الآن .
فرد سريعا وقال .
- وهو كذلك .....
وأنتفض واقفا وقد مد إليه يده قائلا ..
- أنتظر مني رد في خلال أسبوع من الآن .
وأنصرف أحمد وأنتهى الموقف عند هذا الحد ، غير أن رأس عاصم أفندي بدأت تعج بالأفكار وبعض الأسئلة التي لا يعرف لها إجابة ، فكيف هذا الفتى عرف أن لدية ثلاث بنات ؟ ولماذا أختار الوسطى بذاتها ؟ تُرى هل شاهدها ؟ وإذا كان ذلك فأين ....... وهو الذي يوصلها بنفسه إلى المدرسة ويعود بها بعد الدوام .........
تُرى هل تكلم معاها .... ثم أطرق رأسه برهة من الزمن وقد أستبعد ذلك الأمر ،لأن الناس تعلم في هذا الحي مدى إنطوائه على نفسه هو وعائلته ، بالإضافة إلى الغموض الذي يحيط به وتصرفاتة التي يعتبرها البعض غير طبيعية ، على حد قول المعلم فتحي، صاحب المقهى المجاور لمنزله ، قد يكون السبب خلف مقولته هذه ، لأنه منذ أن سكن في هذا المنزل منذ أربعة عشرة عاما ولم يجلس ولو مرة واحدة في المقهى ، ولو جلوس عابر .
ظل واقفا على رصيف الشارع قرابة النصف ساعة وهو يفكر ماذا يفعل ؟..
لقد أعطى ميعادا لهذا الخطيب الذي ظهر فجأة في حياته ، وكان سببا في إحساس عاصم أفندي أنه قد مرت به السنوات وها هو يزوج بناتة الاتي طالما شعر أنهم أطفال ،بل وما زال يشعر أنهم أطفال صغار ، على الأقل في نظر أبائهم ، فمهما كان عمر الإنسان يظل طفلا أمام والده ولا يستطيع أن يثني له طلب .
كان أحمد مهندسا ناجحا في عملة الخاص ، فقد كان يعمل في مجال الإنشاءات ، ويعمل في شركة خاصة يمتلكها رجل إيطالي منذ إنشائها ، ثم أشتراها رجل مصري بعد الحرب العالمية الثانية وأضطر الرجل للعودة لوطنه .
لم يكن في أحمد ما يعيبة من وجهة نظر معظم المحيطين به ، إلا أن عاصم أفندي يرى أنه مختلف عن الصورة التي كان يضعها لأزواج بناته في المستقبل ، وكانت نماذجة المرسومة في مخيلته كانت من البيئة المحيطة به في العمل ، كان يرى أن زوج بنته لابد أن يكون موظف في الحكومة ، له دخل ثابت ومركز مرموق ، كل الناس تنظر إليه بعين التقدير والإحترام ، على الأقل هذه هي الصورة التي تعود عليها طوال حياتة وأثناء عمله في المصلحة ،
كان يغتر كثيرا بالزي ، فقد يكون الشخص أنيقا في لباسه ولكنه عندما يتكلم لا يصدر من إلا سفها وحمقا .
وقع عاصم أفندي بين نارين ، فهو يرى أن هذا الشاب جيد ولم يعب عليه أي شخص سألة عنه وعن أخلاقه وصفاته وطباعه ، فقد كان محبوبا بين الناس من حوله ، غير أنه في داخل نفسة يرى أنه غير مطابق لما كان في مخيلته ، والتي رسمها من قبل عن زوج إبنته ، وسبب أخر جعله يستبعد هذه الزيجة ، إذ كيف له أن يزوج البنت الوسطى قبل أختها الكبيرة ، وماذا سيقول الناس عليه إذا فعل ذلك وخالف التقاليد والعادات التي يقدسها ويعتبرها دستور يجب الأخذ به .
تنبه عاصم أفندي من غيبوبة أفكاره عندما أصدم به بائع الخبز علي الرصيف الذي مازال واقفا عليه ينتظر أن يعبر الشارع ، ويشرد بين الحين والحين في بحر الأفكار المتلاحقة ، فكر عاصم أفندي أن يعطي لنفسه فرصة ليتعرف عليهة أكثر فقد يقتنع به وبشخصيته الجذابة لمن حوله ، ولكنه يخشي على نفسة الأعجاب به وعدم أخذ الموضوعية في التفكير في هذا الموضوع .
وأخير وصل إلى المنزل ودخل إليه وقد ظهرت علامات الأرق والتعب عليه وكانت تصرفاته تنم عن عصبيه مفرطة ، فقد أقترب موعد أحمد ولم يبق إلا ساعة ، نادى على إبنته لتعمل له فنجان قهوة وجلس في ركن من الصالون ينتظر .........
تمت
أحب أن أقدم لكم قصة كنت كتبتها منذ عدة أعوام وهي من نوع النهايات المفتوحة
ياريت تشاركونا بالرأي
قصة القرار
توقف فجأة قبل أن يعبر الشارع المزدحم بشتى أنواع السيارات والمارة ، والضجيج يعلو المكان بالكامل في ساعة يتوافد فيها الناس من كل حدب وصوب إلى منازلهم ، وتُخرج المصالح الحكومية ما في بطونها من بقايا إنسان ، تحطمت معنوياته تحت صخرة الروتين.
لم يعبأ بكل ما حوله ، الذي يمر سريعا، سواء المارة أو السيارات ، فقد كانت رأسه تعج بالأفكار المتلاحقة معا حتى كاد رأسه ينفجر من تعاركها معا ، ربما لم يتخيل يوما من الأيام أن يقف في هذا الموقف ، أو أن يقع في مشكلة كهذه في حياتة الطويلة ، وبالرغم من طول حياته إلا أن حياته لم تظفر بكثير من التجارب مع البشرية الإنسانية ، والتي تُكسب حياته طابعا من الحكمة في التصرف والخبرة في التعامل مع الأخرين.
كان عاصم أفندي من الموظفين الذين دفنوا أنفسهم وسط الدفاتر والحسابات وتجدهم في المصالح الروتينية ،لم يكن يثور على أي شيء في حياتة فضلا عن حياة الآخرين ، فقد كان قانعا بكل شيء وأي شيء يمر في حياته ، بل في بعض الأحيان يتحمس لشيء وهو لا يعرف ما هو وأين هو من هذا الحدث ، ربما بدافع تقليد الآخرين .
منذ أيام جاءه خاطب لبنته الوسطى سعاد والتي لم تُكمل السادسة عشر من عمرها ، ربما يجد البعض أن هذا شيء عادي ، فأي بنت مصيرها إلى بيت زوجها لا محالة ، ولكن لقلة خبرة عاصم أفندي وعدم درايته بالأمور البشرية العادية والتي تحدث كل يوم ، بل وكل ساعة يتزوج فيها إنسان ويولد أخر ويموت ثالث ، وهذه طبيعة الحياة وسنة الكون ، ولكن عاصم أفندي ظل كالطفل الصغير الذي لا يعرف ماذا يفعل في هذا الموقف ، حتى أخرجه أحمد منه عندما قال له وقد لاحظ عليه الإرتباك ......
- على العموم يا عمي خذ وقتك في التفكير ، أنا لا أطلب الرد الآن .
فرد سريعا وقال .
- وهو كذلك .....
وأنتفض واقفا وقد مد إليه يده قائلا ..
- أنتظر مني رد في خلال أسبوع من الآن .
وأنصرف أحمد وأنتهى الموقف عند هذا الحد ، غير أن رأس عاصم أفندي بدأت تعج بالأفكار وبعض الأسئلة التي لا يعرف لها إجابة ، فكيف هذا الفتى عرف أن لدية ثلاث بنات ؟ ولماذا أختار الوسطى بذاتها ؟ تُرى هل شاهدها ؟ وإذا كان ذلك فأين ....... وهو الذي يوصلها بنفسه إلى المدرسة ويعود بها بعد الدوام .........
تُرى هل تكلم معاها .... ثم أطرق رأسه برهة من الزمن وقد أستبعد ذلك الأمر ،لأن الناس تعلم في هذا الحي مدى إنطوائه على نفسه هو وعائلته ، بالإضافة إلى الغموض الذي يحيط به وتصرفاتة التي يعتبرها البعض غير طبيعية ، على حد قول المعلم فتحي، صاحب المقهى المجاور لمنزله ، قد يكون السبب خلف مقولته هذه ، لأنه منذ أن سكن في هذا المنزل منذ أربعة عشرة عاما ولم يجلس ولو مرة واحدة في المقهى ، ولو جلوس عابر .
ظل واقفا على رصيف الشارع قرابة النصف ساعة وهو يفكر ماذا يفعل ؟..
لقد أعطى ميعادا لهذا الخطيب الذي ظهر فجأة في حياته ، وكان سببا في إحساس عاصم أفندي أنه قد مرت به السنوات وها هو يزوج بناتة الاتي طالما شعر أنهم أطفال ،بل وما زال يشعر أنهم أطفال صغار ، على الأقل في نظر أبائهم ، فمهما كان عمر الإنسان يظل طفلا أمام والده ولا يستطيع أن يثني له طلب .
كان أحمد مهندسا ناجحا في عملة الخاص ، فقد كان يعمل في مجال الإنشاءات ، ويعمل في شركة خاصة يمتلكها رجل إيطالي منذ إنشائها ، ثم أشتراها رجل مصري بعد الحرب العالمية الثانية وأضطر الرجل للعودة لوطنه .
لم يكن في أحمد ما يعيبة من وجهة نظر معظم المحيطين به ، إلا أن عاصم أفندي يرى أنه مختلف عن الصورة التي كان يضعها لأزواج بناته في المستقبل ، وكانت نماذجة المرسومة في مخيلته كانت من البيئة المحيطة به في العمل ، كان يرى أن زوج بنته لابد أن يكون موظف في الحكومة ، له دخل ثابت ومركز مرموق ، كل الناس تنظر إليه بعين التقدير والإحترام ، على الأقل هذه هي الصورة التي تعود عليها طوال حياتة وأثناء عمله في المصلحة ،
كان يغتر كثيرا بالزي ، فقد يكون الشخص أنيقا في لباسه ولكنه عندما يتكلم لا يصدر من إلا سفها وحمقا .
وقع عاصم أفندي بين نارين ، فهو يرى أن هذا الشاب جيد ولم يعب عليه أي شخص سألة عنه وعن أخلاقه وصفاته وطباعه ، فقد كان محبوبا بين الناس من حوله ، غير أنه في داخل نفسة يرى أنه غير مطابق لما كان في مخيلته ، والتي رسمها من قبل عن زوج إبنته ، وسبب أخر جعله يستبعد هذه الزيجة ، إذ كيف له أن يزوج البنت الوسطى قبل أختها الكبيرة ، وماذا سيقول الناس عليه إذا فعل ذلك وخالف التقاليد والعادات التي يقدسها ويعتبرها دستور يجب الأخذ به .
تنبه عاصم أفندي من غيبوبة أفكاره عندما أصدم به بائع الخبز علي الرصيف الذي مازال واقفا عليه ينتظر أن يعبر الشارع ، ويشرد بين الحين والحين في بحر الأفكار المتلاحقة ، فكر عاصم أفندي أن يعطي لنفسه فرصة ليتعرف عليهة أكثر فقد يقتنع به وبشخصيته الجذابة لمن حوله ، ولكنه يخشي على نفسة الأعجاب به وعدم أخذ الموضوعية في التفكير في هذا الموضوع .
وأخير وصل إلى المنزل ودخل إليه وقد ظهرت علامات الأرق والتعب عليه وكانت تصرفاته تنم عن عصبيه مفرطة ، فقد أقترب موعد أحمد ولم يبق إلا ساعة ، نادى على إبنته لتعمل له فنجان قهوة وجلس في ركن من الصالون ينتظر .........
تمت