هو جرول بن مالك بن جرول بن مالك بن جوية بن مخزوم بن مالك بن قطيعة بن عيسى ابن مليكة .
الشاعر الملقب بالحطيئة لقصره ، أدرك الجاهلية ، وأسلم في زمن الصديق ، وكان كثير الهجاء حتى يقال : إنه هجا أباه ، وأمه ، وخاله ، وعمه ، ونفسه ، وعرسه .
فـمـمـا قــال فـي أمـه قــولـه:
تـنـحـي فـاقـعـدي عـنـي بـعـيـدا * أراح الله مـنـك الـعـالـمـيـنـا
أغـربـالا إذا اسـتــودعـت ســرا * وكـانـونـا عـلى المـتحـدثـيـنا
جــزاك الله شـــرا مـن عـجــوز * ولـقــاك الـعـقـوق من البنـيـنا.
وقال في أبيه وعمه وخاله :
لـحـاك الله ثــم لـحــاك حـقـا * أبـا ولحــاك مـن عـم وخــال
فنعم الشيخ أنت لدى المخازي * وبئس الشيخ أنت لدى المعالي
ومما قال في نفسه بذمها :
أبت شـفـتاي اليوم أن تتكلما * بشر فما أدري لمن أنا قائله
أرى لي وجها شوه الله خلقه * فـقـبـح من وجه وقـبح حامله
وقد شكاه الناس إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فأحضره وحبسه ، وكان سبب ذلك ، أن الزبرقان بن بدر ، شكاه لعمر أنه قال له يهجوه :
دع المكارم لا نرحل لبغيتها * واقعد فانك أنت الطاعم الكاسي
فقال له عمر : ما أراه هجاك ، أما ترضى أن تكون طاعما كاسيا ؟.
فقال : يا أمير المؤمنين إنه لا يكون هجاء أشد من هذا .
فبعث عمر إلى حسان بن ثابت ، فسأله عن ذلك .
فقال : يا أمير المؤمنين ما هجاه ، ولكن سلح عليه !!
فعند ذلك حبسه عمر ، وقال : يا خبيث لأشغلنك عن أعراض المسلمين ، ثم شفع فيه عمرو بن العاص ، فأخرجه وأخذ عليه العهد أن لا يهجو الناس واستنابه .
ويقال : إنه أراد أن يقطع لسانه ، فشفعوا فيه حتى أطلقه .
وقال الزبير بن بكار حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان الحرامى عن عبد الله بن مصعب حدثني عن ربيعة بن عثمان عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: أمر عمر بإخراج الحطيئة من الحبس ، وقد كلمه فيه عمرو بن العاص وغيره ، فأخرج وأنا حاضر ، فأنشأ يقول :
مــاذا تـقــول لأفـراخ بـذي مـرح * زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
غـادرت كاسبهم في قـعـر مظلمة * فـارحم هداك مليك الناس يا عمر
أنت الإمام الذي من بعـد صـاحبه * ألـقـى إليك مـقـاليـد النهـى البـشر
لـم يـؤثــروك بهـا إذ قـدمـوك لهـا * لكــن لأنـفـسـهـم كانت بــك الأثـر
فامنن عـلى صبية بالرمل مسكنهم * بـيـن الأبـاطـح يغـشاهم بها القـدر
نـفسي فـداؤك كـم بـيـني وبـيـنـهـم * من عرض وادية يعمى بها الخبر
قال : فلما قال الحطيئة : ( ماذا تقول الأفراخ بذي مرح ... )
بكى عمر ، فقال عمرو بن العاص : ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء أعدل من رجل يبكي على تركه الحطيئة .
ثم ذكروا أنه أراد قطع لسان الحطيئة لئلا يهجو به الناس فأجلسه على كرسي وجيء بالموسى .
فقال الناس : لا يعود يا أمير المؤمنين ، وأشاروا إليه ، قل : لا أعود ، فقال له عمر النجا ، فلما ولى ، قال له عمر: ارجع يا حطيئة ، فرجع ، فقال له : كأني بك عند شاب من قريش قد كسر لك نمرقة ، وبسط لك أخرى ، وقال يا حطيئة غننا فاندفعت تغنيه بأعراض الناس .
قال أسلم : فـرأيت الحطيئة بعد ذلك عند عبيد الله بن عمر وقد كسر له نمرقة وبسط له أخرى ، وقال يا حطيئة غننا ، فاندفع حطيئة يغنى .
فقلت له : يا حطيئة أتذكر يوم عمر حين قال لك ما قال ؟
فـفـزع ؛ وقال : رحم الله ذلك المرء ، لو كان حيا ما فعلنا هذا .
فقلت لعبيد الله : إني سمعت أباك يقول كذا وكذا فكنت أنت ذلك الرجل .
وقال الزبير : حدثني محمد بن الضحاك عن أبيه قال : قال عمر للحطيئة : دع قول الشعر.
قال : لا أستطيع .
قال : لم ؟
قال : هو مأكلة عيالي ، وعلة لساني !
قال : فدع المدحة المجحفة .
قال : وما هي يا أمير المؤمنين ؟
قال : تقول بنو فلان ، أفضل من بني فلان ، امدح ولا تفضل .
فقال أنت أشعر مني يا أمير المؤمنين !
ومن مديحه الجيد المشهور قوله -:
أقــلـوا عـلــيـهـم لا أبــا لأبـيـكـم * من اللوم أوسدوا المكان الذي سدوا
أولئك قومي إن بنوا أحسنوا البنا * وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا
وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها * وإن أنـعـمـوا لا كدروهـا ولا كـدوا
قالوا : ولما احتضر الحطيئة قيل له : أوص .
قال أوصيكم بالشعر ، ثم قال:
الشعــر صعـب وطـويـل سلمه * إذا ارتـقـى فـيه الـذي لا يعـلمه
زلت به إلى الحـضـيـض قـدمه * والشعـر لا يستطيعه من يظلمه
أراد أن يـعـربـه فـأعـجـمـه *ولم يزل من حيث يأتي يخرمه
وان كان الحطيئة شاعر الهجاء بامتياز فهذا لا يمنع ان له اشعار اخرى في الكرم والجود الذي عرف عن العرب وهذه قصيدة من اروع ما قرات له وهي ايضا من اروع القصائد القصصية واول قصيدة قصصية تحكي عن كرمه للضيف
وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل
بتيهاء لم يعرف بها ساكن رسما
أخي جفوة فيه من الأنس وحشة
يرى البؤس فيها من شراسته نعمى
وأفرد في شعب عجوزاً إزاءها
ثلاثة أشباح تخالهم بهما
حفاة عراة ما اغتذوا خبز ملّة
ولا عرفوا للخبز مذ خلقوا طعما
رأى شبحاً وسط الظلام فراعه
فلما بدا ضيفاً تسوّر واهتمّا
فقال ابنه لما رآه بحيرة
أيا أبتي اذبحني ويسّر له طعما
ولا تعتذر بالعدم عل الذي طرا
يظن لنا مالاً فيوسعنا ذما
فروّى قليلاً ثم أحجم برهة
وإن هو لم يذبح فتاه فقد همّا
وقال هيا ربّاه، ضيف ولا قرى؟
بحقك لا تحرمه تاالليلة اللحما
فبياهما عنت على البعد عانة
قد انتظمت من خلف مسحلها نظما
عطاشاً تريد الماء فانساب نحوها
على أنه منها إلى دمها أظما
فأمهلها حتى تروت عطاشها
فأرسل فيها من كنانته سهما
فخرّت نحوص ذات جحش سمينة
قد اكتنزت لحماً وقد طبقت شحما
فيابشره إذ جرّها نحو قومه
ويابشرهم لما رأوا كلمها يدمى
فباتوا كراماً قد قضوا حق ضيفهم
فلم يغرموا غرماً وقد غنموا غنما
وبات أبوهم من بشاشته أباً
لضيفهم والأم من بشرها أما
الشاعر الملقب بالحطيئة لقصره ، أدرك الجاهلية ، وأسلم في زمن الصديق ، وكان كثير الهجاء حتى يقال : إنه هجا أباه ، وأمه ، وخاله ، وعمه ، ونفسه ، وعرسه .
فـمـمـا قــال فـي أمـه قــولـه:
تـنـحـي فـاقـعـدي عـنـي بـعـيـدا * أراح الله مـنـك الـعـالـمـيـنـا
أغـربـالا إذا اسـتــودعـت ســرا * وكـانـونـا عـلى المـتحـدثـيـنا
جــزاك الله شـــرا مـن عـجــوز * ولـقــاك الـعـقـوق من البنـيـنا.
وقال في أبيه وعمه وخاله :
لـحـاك الله ثــم لـحــاك حـقـا * أبـا ولحــاك مـن عـم وخــال
فنعم الشيخ أنت لدى المخازي * وبئس الشيخ أنت لدى المعالي
ومما قال في نفسه بذمها :
أبت شـفـتاي اليوم أن تتكلما * بشر فما أدري لمن أنا قائله
أرى لي وجها شوه الله خلقه * فـقـبـح من وجه وقـبح حامله
وقد شكاه الناس إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فأحضره وحبسه ، وكان سبب ذلك ، أن الزبرقان بن بدر ، شكاه لعمر أنه قال له يهجوه :
دع المكارم لا نرحل لبغيتها * واقعد فانك أنت الطاعم الكاسي
فقال له عمر : ما أراه هجاك ، أما ترضى أن تكون طاعما كاسيا ؟.
فقال : يا أمير المؤمنين إنه لا يكون هجاء أشد من هذا .
فبعث عمر إلى حسان بن ثابت ، فسأله عن ذلك .
فقال : يا أمير المؤمنين ما هجاه ، ولكن سلح عليه !!
فعند ذلك حبسه عمر ، وقال : يا خبيث لأشغلنك عن أعراض المسلمين ، ثم شفع فيه عمرو بن العاص ، فأخرجه وأخذ عليه العهد أن لا يهجو الناس واستنابه .
ويقال : إنه أراد أن يقطع لسانه ، فشفعوا فيه حتى أطلقه .
وقال الزبير بن بكار حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان الحرامى عن عبد الله بن مصعب حدثني عن ربيعة بن عثمان عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: أمر عمر بإخراج الحطيئة من الحبس ، وقد كلمه فيه عمرو بن العاص وغيره ، فأخرج وأنا حاضر ، فأنشأ يقول :
مــاذا تـقــول لأفـراخ بـذي مـرح * زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
غـادرت كاسبهم في قـعـر مظلمة * فـارحم هداك مليك الناس يا عمر
أنت الإمام الذي من بعـد صـاحبه * ألـقـى إليك مـقـاليـد النهـى البـشر
لـم يـؤثــروك بهـا إذ قـدمـوك لهـا * لكــن لأنـفـسـهـم كانت بــك الأثـر
فامنن عـلى صبية بالرمل مسكنهم * بـيـن الأبـاطـح يغـشاهم بها القـدر
نـفسي فـداؤك كـم بـيـني وبـيـنـهـم * من عرض وادية يعمى بها الخبر
قال : فلما قال الحطيئة : ( ماذا تقول الأفراخ بذي مرح ... )
بكى عمر ، فقال عمرو بن العاص : ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء أعدل من رجل يبكي على تركه الحطيئة .
ثم ذكروا أنه أراد قطع لسان الحطيئة لئلا يهجو به الناس فأجلسه على كرسي وجيء بالموسى .
فقال الناس : لا يعود يا أمير المؤمنين ، وأشاروا إليه ، قل : لا أعود ، فقال له عمر النجا ، فلما ولى ، قال له عمر: ارجع يا حطيئة ، فرجع ، فقال له : كأني بك عند شاب من قريش قد كسر لك نمرقة ، وبسط لك أخرى ، وقال يا حطيئة غننا فاندفعت تغنيه بأعراض الناس .
قال أسلم : فـرأيت الحطيئة بعد ذلك عند عبيد الله بن عمر وقد كسر له نمرقة وبسط له أخرى ، وقال يا حطيئة غننا ، فاندفع حطيئة يغنى .
فقلت له : يا حطيئة أتذكر يوم عمر حين قال لك ما قال ؟
فـفـزع ؛ وقال : رحم الله ذلك المرء ، لو كان حيا ما فعلنا هذا .
فقلت لعبيد الله : إني سمعت أباك يقول كذا وكذا فكنت أنت ذلك الرجل .
وقال الزبير : حدثني محمد بن الضحاك عن أبيه قال : قال عمر للحطيئة : دع قول الشعر.
قال : لا أستطيع .
قال : لم ؟
قال : هو مأكلة عيالي ، وعلة لساني !
قال : فدع المدحة المجحفة .
قال : وما هي يا أمير المؤمنين ؟
قال : تقول بنو فلان ، أفضل من بني فلان ، امدح ولا تفضل .
فقال أنت أشعر مني يا أمير المؤمنين !
ومن مديحه الجيد المشهور قوله -:
أقــلـوا عـلــيـهـم لا أبــا لأبـيـكـم * من اللوم أوسدوا المكان الذي سدوا
أولئك قومي إن بنوا أحسنوا البنا * وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا
وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها * وإن أنـعـمـوا لا كدروهـا ولا كـدوا
قالوا : ولما احتضر الحطيئة قيل له : أوص .
قال أوصيكم بالشعر ، ثم قال:
الشعــر صعـب وطـويـل سلمه * إذا ارتـقـى فـيه الـذي لا يعـلمه
زلت به إلى الحـضـيـض قـدمه * والشعـر لا يستطيعه من يظلمه
أراد أن يـعـربـه فـأعـجـمـه *ولم يزل من حيث يأتي يخرمه
وان كان الحطيئة شاعر الهجاء بامتياز فهذا لا يمنع ان له اشعار اخرى في الكرم والجود الذي عرف عن العرب وهذه قصيدة من اروع ما قرات له وهي ايضا من اروع القصائد القصصية واول قصيدة قصصية تحكي عن كرمه للضيف
وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل
بتيهاء لم يعرف بها ساكن رسما
أخي جفوة فيه من الأنس وحشة
يرى البؤس فيها من شراسته نعمى
وأفرد في شعب عجوزاً إزاءها
ثلاثة أشباح تخالهم بهما
حفاة عراة ما اغتذوا خبز ملّة
ولا عرفوا للخبز مذ خلقوا طعما
رأى شبحاً وسط الظلام فراعه
فلما بدا ضيفاً تسوّر واهتمّا
فقال ابنه لما رآه بحيرة
أيا أبتي اذبحني ويسّر له طعما
ولا تعتذر بالعدم عل الذي طرا
يظن لنا مالاً فيوسعنا ذما
فروّى قليلاً ثم أحجم برهة
وإن هو لم يذبح فتاه فقد همّا
وقال هيا ربّاه، ضيف ولا قرى؟
بحقك لا تحرمه تاالليلة اللحما
فبياهما عنت على البعد عانة
قد انتظمت من خلف مسحلها نظما
عطاشاً تريد الماء فانساب نحوها
على أنه منها إلى دمها أظما
فأمهلها حتى تروت عطاشها
فأرسل فيها من كنانته سهما
فخرّت نحوص ذات جحش سمينة
قد اكتنزت لحماً وقد طبقت شحما
فيابشره إذ جرّها نحو قومه
ويابشرهم لما رأوا كلمها يدمى
فباتوا كراماً قد قضوا حق ضيفهم
فلم يغرموا غرماً وقد غنموا غنما
وبات أبوهم من بشاشته أباً
لضيفهم والأم من بشرها أما