السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،
عصبية الأم..عقبة في طريق التربية
أخذت الأم تتحدث بعصبية مفرطة إلى ابنها قائلة: "أنا شديدة العصبية، ودائماً تثيرني تصرفاته، وطوال اليوم أصرخ بشدة وأضربه كثيراً وأحياناً يكون الضرب قاسياً، وعلى الرغم من أنه يبلغ من العمر ثلاث سنوات، فإنه عصبي من يوم ميلاده، كثير البكاء، عالي الصوت، والآن أصبح لا يسمع كلامي مطلقاً".
وبعد أن تسترد الأم بعض أنفاسها تستطرد قائلة: "أشعر بأنني لا أستطيع السيطرة عليه ولا التحكم فيه، ووالده قليل التواجد".
وتضيف: "أعلم أن المشكلة هي عصبيتي، فهناك أيام تمر بسلام ويأتي يوم يكون لدي فيه الكثير من الأعباء فأضيَّع كل ما بنيته معه، مع العلم بأن أخته هادئة لا تتعبني مطلقاً، وأعترف أيضاً أنه ذكي جداً وأيضاً لا يعتبر من الأولاد الأشقياء جداً، فأنا أرى من هم أكثر منه حركة وعناداً بكثير".
توقفت الأم عن الكلام للحظات ثم عاودت الحديث قائلة: "إحدى مشاكلي أن عمل زوجي متغير المواعيد، كل يومين موعد مختلف، فليس لنا نظام ثابت في الحياة تبعا له، وما يتعبني كثيراً أنني أحياناً أشعر بأن ابني يخاف مني بشدة، فلو دخلت عليه وهو يلعب في أي شيء ينتفض وتظهر عليه علامات الخوف. كما أنه يتشاجر مع أخته كثيراً، فالفرق بينهما حوالي سنة ونصف، يضربها مع أنها تحبه كثيراً، لكنها تخاف منه، والآن بدأت تضربه وتصرخ بشدة.. أخشى عليها من أن تصبح ضعيفة الشخصية لظلمه لها دائماً".
بعدها أطرقت إلى الأرض وأخذت تتمتم بحزن: "إنني أخاف عليه جدا، أخشى من الآثار النفسية السلبية لطريقة تعاملي معه، لكن هذه كانت طريقة أمي معنا.. كل شيء بصراخ وضرب وشدة.. وأشعر بصعوبة شديدة في أن أتخلص من هذه الطباع".
أين تكمن المشكلة
يمكن العثور على المشكلة المطروحة من خلال الجمل الأولى من حديث الأم عندما قالت:
أنا شديدة العصبية..
دائماً تثيرني تصرفاته..
طوال اليوم أصرخ بشدة وأضربه كثيراً..
وأحيانا يكون ضربا قاسيا، وبالطبع فإن مفتاح الحل يكمن في هذه الأم التي يجب أن تغير هذه الطباع السيئة.
إن من الممكن تحويل المخزون السلبي من الأفكار التي ذكرت في الجمل السابقة إلى مخزون إيجابي لأفكار من قبيل القول:
"أنا شديدة الهدوء..
دائما أتفاعل بإيجابية مع تصرفاته..
طوال اليوم أحاوره وأبتسم في وجهه، وأنظر إليه نظرة حب وحنان وود"؟!
ولكن هل يمكن لهذه الأم أن تقلب الأمور بهذا الشكل؟
إن من السهل إطلاق العنان للكلمات الجميلة والمعاني اللطيفة لكن كيف يمكن أن يطبق هذا الأمر على الوقع العملي؟
الجواب، إن من الممكن أن يتحقق هذا الأمر عبر النقاط التالية:
1- إن على هذه الأم أن تتذكر دوماً بأن ابنها هو أمانة استودعها الله إياها، وإن عليها أن تصون هذه الأمانة عبر المحافظة عليها ورعايتها وتنميتها لتكون عامل بناء في المجتمع الذي هو اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى عناصر إيجابية وصالحة.
2- على هذه الأم أن تتعامل مع إيجابيات ابنها والصفات الجيدة التي يمتلكها ومنها أنه ذكي جدا، وذلك عبر تسجيل كل هذه الإيجابيات في ورقة وبحياد تام مع تجاهل السلبيات في الوقت الحاضر على الأقل، ثم تسعى نحو تنميتها ودعمها وتحويل الطاقة المخزونة لدى ابنها بهذا الاتجاه.
3- على هذه الأم أن تغدق على ابنها المزيد من العطف والحنان والحب من خلال بعض السلوكيات والكلمات فيمكن لها أن تلتقط يده- بمناسبة أو من دون مناسبة- لتقبلها أو تسمعه بعض الكلمات الجميلة أو تتلو عليه بعض الآيات القرآنية أو تنشد له الأناشيد الإسلامية وكل ما من شأنه تقوية الارتباط العاطفي والروحي مع ابنها.
4- من الضروري أن تحضر هذه الأم ألعابا فردية يلعبها الابن بمفرده، وألعابا أخرى جماعية يلعبها معها أو مع أخته، وعليها في هذا المجال أن تختار الألعاب التي تنمي روح الحب والتعاون وتدعم ثقة الابن في نفسه، وأن تحفزه على التفاعل معها، وهذا الألعاب كلما كانت مناسبة لسنه وجذابة له كلما ألهته عن عاداته التي تشتكي منها الأم، لأنها ستساعده على التفريغ النفسي من كبت موجود بداخله يضطر إلى التنفيس عنه إما بعصبيته أو بتصرفات وسلوكيات غير سليمة.
أما الألعاب الجماعية وخاصة تلك التي يلعبها مع أخته فإنها ستزيد حبه لها وقربه منها دون أن يؤذيها.
5- على هذه الأم أن تشرك ابنها في أداء بعض الأعمال المنزلية البسيطة كإعداد المائدة وتنظيفها مثلاً، الأمر الذي يساعد أيضاً على إيجاد حالة التواصل بين الأم وابنها وتقوية العلاقة العاطفية والروحية بينهما.
6- ومن المهم جداً أن يقتنع الأب بضرورة أن يكون له دور مشارك للأم في تربية الأبناء حتى وإن كان تواجده ضعيفا جدا في المنزل وذلك عبر الاستفادة من أيام الإجازات للخروج مع العائلة في رحلة ترفيهية في الحدائق العامة، ولا مانع من أن تستفيد الأم من هذه الفترات لاستشارة الأب في موضوعات متعلقة بأبنائهما حتى يشعر بأن له دورا ولو بطلب استشارته.
الأستاذة نسيبة المطوع
منقول للفائدة
عصبية الأم..عقبة في طريق التربية
أخذت الأم تتحدث بعصبية مفرطة إلى ابنها قائلة: "أنا شديدة العصبية، ودائماً تثيرني تصرفاته، وطوال اليوم أصرخ بشدة وأضربه كثيراً وأحياناً يكون الضرب قاسياً، وعلى الرغم من أنه يبلغ من العمر ثلاث سنوات، فإنه عصبي من يوم ميلاده، كثير البكاء، عالي الصوت، والآن أصبح لا يسمع كلامي مطلقاً".
وبعد أن تسترد الأم بعض أنفاسها تستطرد قائلة: "أشعر بأنني لا أستطيع السيطرة عليه ولا التحكم فيه، ووالده قليل التواجد".
وتضيف: "أعلم أن المشكلة هي عصبيتي، فهناك أيام تمر بسلام ويأتي يوم يكون لدي فيه الكثير من الأعباء فأضيَّع كل ما بنيته معه، مع العلم بأن أخته هادئة لا تتعبني مطلقاً، وأعترف أيضاً أنه ذكي جداً وأيضاً لا يعتبر من الأولاد الأشقياء جداً، فأنا أرى من هم أكثر منه حركة وعناداً بكثير".
توقفت الأم عن الكلام للحظات ثم عاودت الحديث قائلة: "إحدى مشاكلي أن عمل زوجي متغير المواعيد، كل يومين موعد مختلف، فليس لنا نظام ثابت في الحياة تبعا له، وما يتعبني كثيراً أنني أحياناً أشعر بأن ابني يخاف مني بشدة، فلو دخلت عليه وهو يلعب في أي شيء ينتفض وتظهر عليه علامات الخوف. كما أنه يتشاجر مع أخته كثيراً، فالفرق بينهما حوالي سنة ونصف، يضربها مع أنها تحبه كثيراً، لكنها تخاف منه، والآن بدأت تضربه وتصرخ بشدة.. أخشى عليها من أن تصبح ضعيفة الشخصية لظلمه لها دائماً".
بعدها أطرقت إلى الأرض وأخذت تتمتم بحزن: "إنني أخاف عليه جدا، أخشى من الآثار النفسية السلبية لطريقة تعاملي معه، لكن هذه كانت طريقة أمي معنا.. كل شيء بصراخ وضرب وشدة.. وأشعر بصعوبة شديدة في أن أتخلص من هذه الطباع".
أين تكمن المشكلة
يمكن العثور على المشكلة المطروحة من خلال الجمل الأولى من حديث الأم عندما قالت:
أنا شديدة العصبية..
دائماً تثيرني تصرفاته..
طوال اليوم أصرخ بشدة وأضربه كثيراً..
وأحيانا يكون ضربا قاسيا، وبالطبع فإن مفتاح الحل يكمن في هذه الأم التي يجب أن تغير هذه الطباع السيئة.
إن من الممكن تحويل المخزون السلبي من الأفكار التي ذكرت في الجمل السابقة إلى مخزون إيجابي لأفكار من قبيل القول:
"أنا شديدة الهدوء..
دائما أتفاعل بإيجابية مع تصرفاته..
طوال اليوم أحاوره وأبتسم في وجهه، وأنظر إليه نظرة حب وحنان وود"؟!
ولكن هل يمكن لهذه الأم أن تقلب الأمور بهذا الشكل؟
إن من السهل إطلاق العنان للكلمات الجميلة والمعاني اللطيفة لكن كيف يمكن أن يطبق هذا الأمر على الوقع العملي؟
الجواب، إن من الممكن أن يتحقق هذا الأمر عبر النقاط التالية:
1- إن على هذه الأم أن تتذكر دوماً بأن ابنها هو أمانة استودعها الله إياها، وإن عليها أن تصون هذه الأمانة عبر المحافظة عليها ورعايتها وتنميتها لتكون عامل بناء في المجتمع الذي هو اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى عناصر إيجابية وصالحة.
2- على هذه الأم أن تتعامل مع إيجابيات ابنها والصفات الجيدة التي يمتلكها ومنها أنه ذكي جدا، وذلك عبر تسجيل كل هذه الإيجابيات في ورقة وبحياد تام مع تجاهل السلبيات في الوقت الحاضر على الأقل، ثم تسعى نحو تنميتها ودعمها وتحويل الطاقة المخزونة لدى ابنها بهذا الاتجاه.
3- على هذه الأم أن تغدق على ابنها المزيد من العطف والحنان والحب من خلال بعض السلوكيات والكلمات فيمكن لها أن تلتقط يده- بمناسبة أو من دون مناسبة- لتقبلها أو تسمعه بعض الكلمات الجميلة أو تتلو عليه بعض الآيات القرآنية أو تنشد له الأناشيد الإسلامية وكل ما من شأنه تقوية الارتباط العاطفي والروحي مع ابنها.
4- من الضروري أن تحضر هذه الأم ألعابا فردية يلعبها الابن بمفرده، وألعابا أخرى جماعية يلعبها معها أو مع أخته، وعليها في هذا المجال أن تختار الألعاب التي تنمي روح الحب والتعاون وتدعم ثقة الابن في نفسه، وأن تحفزه على التفاعل معها، وهذا الألعاب كلما كانت مناسبة لسنه وجذابة له كلما ألهته عن عاداته التي تشتكي منها الأم، لأنها ستساعده على التفريغ النفسي من كبت موجود بداخله يضطر إلى التنفيس عنه إما بعصبيته أو بتصرفات وسلوكيات غير سليمة.
أما الألعاب الجماعية وخاصة تلك التي يلعبها مع أخته فإنها ستزيد حبه لها وقربه منها دون أن يؤذيها.
5- على هذه الأم أن تشرك ابنها في أداء بعض الأعمال المنزلية البسيطة كإعداد المائدة وتنظيفها مثلاً، الأمر الذي يساعد أيضاً على إيجاد حالة التواصل بين الأم وابنها وتقوية العلاقة العاطفية والروحية بينهما.
6- ومن المهم جداً أن يقتنع الأب بضرورة أن يكون له دور مشارك للأم في تربية الأبناء حتى وإن كان تواجده ضعيفا جدا في المنزل وذلك عبر الاستفادة من أيام الإجازات للخروج مع العائلة في رحلة ترفيهية في الحدائق العامة، ولا مانع من أن تستفيد الأم من هذه الفترات لاستشارة الأب في موضوعات متعلقة بأبنائهما حتى يشعر بأن له دورا ولو بطلب استشارته.
الأستاذة نسيبة المطوع
منقول للفائدة